Friday, August 31, 2007

تعقيب لابد منه

أنا أعرف أن موقف الكنيسة المصرية تجاه الصراع العربي الإسرائيلي منذ البداية كان موقفا وطنيا مشرفا ، و بخاصة البابا شنودة الثالث ، يكفي أن الرجل أوقف الحج إلى القدس حتى تتخلص من الاحتلال ، و الموضوع لن يكتمل حتى يأتينا صديقي ميكو بتفسير الكنيسة و وجهة نظر إخواننا الأقباط بخصوص ما يسمى بنصوص عهد الله لإسرائيل في العهد القديم ، طبعا كل مسيحي مدعو للاشتراكأنا أكرر أسفي للربط بين الصهيونية أو اليهود المتطرفين و باقي اليهود ، هناك يهود الناطورا كارتا و هم من أكثر الناس معارضة لقيام إسرائيل و لهم تفسيراتهم الدينية الخاصة ، هذه اللهجة في المقال تكفي للذهاب بالكاتب إلى وراء القضبان في معظم الدول الأوروبية صاحبة الحرية الفكرية و الرسومات الكاريكاتورية الظريفة ، بس ربنا يستر معانا

عن فلسطين و الوعد

فلسطين : روح العرب الممزق المؤلف مجموعة من الكتاب الكتاب عبارة عن مجموعة مقالات كتبت على مدى أعوام عديدة و نشرت في مجلة العربي ، و يعتبرالكتاب بمثابة مرآة تظهر آلام الشعب العربي و أحلامه كأمة حية و مسؤولة ، لها آلامها و طموحها حيال القضية الفلسطينية. يعرض الكتاب بداية تاريخ فلسطين و الفلسطينيين و الذي سُلب قبل أرضها ، و تم نشر خرافات و قصص تم تصديقها في الغرب. ثم يستعرض التاريخ "الحقيقي" لفلسطين و تتابع الأمم منذ أواخر القرن الرابع قبل الميلاد مرورا بالحروب الصليبية التي أولاها الصهاينة أهمية كبيرة لما شكلته من نقلة بين الحركة الصهيونية و المستقبل ، حتى أنهم أوجدوا تخصصا في الجامعة العبرية يعني بدراسة الحروب الصليبية. كما يوضح كيف بدأ الإستيطان في فلسطين و بالتحديد في مدينة طبرية في القرن السادس عشر ، ثم أسطورة الهولوكوست. و ينوه لمعاناة مدينة القدس عبر السنين وما يعايشه سكانها من تدهور في جميع مجالات الحياة بالإضافة لعدم التوازن الديمغرافي. و أخيرا يتعرض الكتاب للإنتفاضة الحالية و معاناة الفلسطينيين و أن هذا كله لم يجعلهم يتخلون عن حلمهم بالإستقلال و الحرية، كما يدعو إلى إلتفاف و دعم عالمي لقضية فلسطين عبر جميع وسائل الإعلام و فضح جرائم النظام الإستعماري اليهودي و مساءلته أمام القانون الدولي. الصهيونية بذور سوداء داخل ديانة قديمة من كتاب فلسطين...روح العرب الممزق لقد مرت مأساة الشعب الفلسطيني بعدة مراحل و لعل أولاها هي المرحلة التي انحاز فيها إله العبرانيين إلى بني إسرائيل انحيازا مطلقا في مقابل العداء المطلق المصوب ضد غيرهم من الشعوب و المرجعية الأساسية لهذا الانحياز تستند إلى كتب العبرانيين التي يقدسونها حتى اليوم و منها العهد القديم فنجد إله العبرانيين يوزع أراضي الشعوب المستقرة و منها الشعب الفلسطيني على بني إسرائيل دون وجه حق ( و كان في الأرض جوع غير الجوع الأول الذي كان أيام إبراهيم فذهب إسحق إلى أبيمالك ملك الفلسطينيين إلى جرار و ظهر له الرب ....إلخ إلى أنا قال لأني لك و لنسلك أعطي جميع هذه البلاد و أفي بالقسم الذي أقسمت لإبراهيم أبيك ) تكوين إصحاح 26 : 1_4و كذلك : و قال الرب لموسى اذهب اصعد من هنا أنت و الشعب الذي أصعدته من أرض مصر إلى الأرض التي حلفت لإسرائيل و اسحق و يعقوب قائلا لنسلك أعطيها و أنا أرسل أمامك ملاكا و أطرد الكنعانيين و الأموريين و الحثيين ...إلخ (خروج 33 : 1_3 ) و إله العبرانيين يحرض موسى قائلا : احترز من أنا تقطع عهدا مع سكان الأرض التي أنت إليها آت لئلا يصيروا فخا في وسطك بل تهدمون مذابحهم و تكسرون أنصابهم ( خروج 34 : 11_16 ) كما أن الأتقياء من بني إسرائيل ما زالوا يرددون : و كلم الرب موسى في عربات مؤاب على أردن أريحا قائلا كلم بني إسرائيل و قل لهم إنكم عابرون الأردن إلى أرض كنعان فتطردون كل سكان الأرض من أمامكم و تمحون جميع تصاويرهم ...و تخربون جميع مرتفعاتهم ...تملكون الأرض و تسكنون فيها لأني قد أعطيتكم الأرض لكي تملكوها و تقسموا الأرض بالقرعة بين عشائركم (عدد 33:50_54) إن هذا الإله المنحاز لشعبه المختار لا يكتفي بطرد السكان الأصليين من أجل عيون بني إسرائيل و إنما يحذرهم قائلا : و إن لم تطردوا سكان الأرض من أمامكم يكون الذين تستبقون منهم أشواكا في أعينكم و مناخس في جوانبكم و يضايقونكم على الأرض التي أنتم ساكنون فيها فيكون أني أفعل بكم كما هممت أن أفعل بهم عدد 33:55_56إن مهمة هذا الإله هي توزيع أراضي الغير على بني إسرائيل فبعد أن مات موسى استدعى الرب يشوع و قال له : موسى عبدي قد مات. فالآن قم اعبر الأردن أنت و كل هذا الشعب إلى الأرض التي أنا معطيها لهم أي لبني إسرائيل .كل موضع تدوسه بطون أقدامكم لكم أعطيته كما كلمت موسى . من البرية و لبنان إلى هذا النهر الكبير نهر الفرات. جميع أراضي الحثيين و إلى البحر الكبير نحو مغرب الشمس تكون تخمكم يشوع1:1_9إن المؤمنين الأتقياء من بني إسرائيل المعاصرين يلغون عقولهم في سبيل التمسك بالنص .فإذا كانت الشعوب المنتمية إلى أوطان لها حدود جغرافية محددة . و اكتسبت هذه الحدود بحق الاستقرار الذي جاء تتويجا لظروف النشأة و البناء و العمل و التشييد ..إلخ، فإن مشيئة إله العبرانيين تقرر سلب أراضي الشعوب التي زرعت و شيدت و تسلميها إلى شعبه المختار : و متى أتى بك الرب إلهك إلى الأرض التي حلفت لأبائك إبراهيم و اسحاق و يعقوب أن يعطيك مدن عظيمة جيدة لم تبنها و بيوت مملؤة كل خير لم تملأها و آبار محفورة لم تحفرها و كروم و زيتون لم تغرسها و أكلت و شبعت . فاحترز لئلا تنسى الرب الذي أخرجك من أرض مصر بيت العبودية . الرب إلهك تتقي و إياه تعبد و باسمه تحلف تثنية6 :10_13إن الحركة الصهيونية في العصر الحديث التي استهدفت تجميع اليهود من كل بلاد العالم من أجل استيطانهم في أرض ليست لهم و هي الحركة التي انتهت بطرد الشعب الفلسطيني من أرضه هذه الحركة الصهيونية إنما تستند إلى مرجعية الديانة العبرية، فها هي مشيئة إله العبرانيين تقرر : متى أتى بك الرب إلهك إلى الأرض التي أنت داخل إليها لتملكها و طرد شعوبا كثيرة من أمامك...إلى أن يقول : لا تقطع لهم عهدا و لا تشفق عليهم ولا تصاهرهم .إياك قد اختار الرب إلهك لتكون شعبا أخص من جميع الشعوب الذين على وجه الأرض تثنية 7 :1_7 و لإنه إله ملاكي (خاص) فهو يكرر ذات المعنى في ذات السفر 9 :1_6 و في غيره من أسفار العهد القديم و العنف الذي يمارسه المتدينون الأتقياء من بني إسرائيل المعاصرين له مرجعيته الدينية في كتابهم المقدس ففي سفر التثنية يقول موسى لبني إسرائيل إنه عند الدخول إلى مدينة لمحاربتها و قبلت الصلح، فإن أبناء الشعب المغزو يتحولون إلى عبيد لبني إسرائيل . أما في حالة رفض الصلح يقول موسى : و إن لم تسالمك بل عملت معك حربا فحاصرها و إذا دفع بها الرب إلهك إلى يديك فاضرب جميع ذكورها بحد السيف! و أما النساء و الأطفال و البهائم و كل ما في المدينة كل غنيمتها فتغنمها لنفسك تثنية 20 :10_15 و إذا كان العهد القديم يمتليء بالحقد على مصر و المصريين فإن لغة العلم تختلف عن لغة الأيديولوجيا و من ذلك أن بسماتيك الأول ( سمح لليهود أن يتدفقوا على مصر و أن ينشئوا لأنفسهم مستعمرة خاصة بهم بل سمح لهم أن يقيموا معبدا لإلههم يهوه بل إنه بفضل تسامح المصريين و رحابة صدورهم عاش اليهود في مصر ) و بعد هذا العطاء و هذا التسامح ماذا حدث (و هكذا انتهت الأمور باليهود أن نسوا لمصر أنها أطعمتهم من جوع و آوتهم من تشرد فردوا لها الجميل نكرانا و كانوا عليها للفرس أعوانا و في حاميتهم جنودا ) و كان لابد أن تزداد كراهية المصريين لليهود بعد أن رأوهم من طول إقامتهم في بلادهم خونة و جواسيس و مثار فتن و أذنابا لأعداء البلادو إذا كان الرحالة الاغريقي هيرودوت (أبو التاريخ ) الذي زار مصر في القرن الخامس ق.م. وصف المصريين بانهم (يزيدون كثيرا عن سائر الناس في التقوى) فإن العالم الكبير سيغموند فرويد يؤكد على ذات المعنى بعد حوالي 2500 سنة من شهادة هيرودوت عندما وصف المصريين القدماء بأنهم (ودعاء) بينما وصف الساميين بأنهم همج و أن الشعب اليهودي قد قيض له القدر سلسلة من الامتحانات القاسية و التجارب المؤلمة و من ثم صار إلهه إلها صلبا قاسيا متدثرا بالكآبة )و لأن فرويد عالم يحترم لغة العلم فقد كتب (رغم أنه موسوي الديانة ) ليس بوسع أي مؤرخ أن ينظر إلى القصة التي ترويها التوراة عن موسى و الخروج بأكثر من أنها أسطورة دينية ) و ذلك لمصلحة اتجاهاتها الأيديولوجية ....إلخ ثم أضاف في نهاية الفقرة : و لكننا لا نستطيع أن نبقى بغير اكتراث عندما نجد أنفسنا في تعارض مع البحوث التاريخية اليقظة لعصرنا لقد قفز باعتقادي قفزة واسعة و انتقلت من ضرورة التفرقة بين اليهودية كدين و الصهيونية كفكر إلى عدم الفصل بينهما و أن الثانية ما هي إلا تتويج للأولى أو على نسق الصيغة الماركسية الشهيرة أن الصهيونية هي أعلى مراحل اليهوديةو إذا كان الأصوليون اليهود يستندون إلى العهد القديم في تمسكهم بأرض الميعاد و طرد الشعب الفلسطيني من أرضه فلمصلحة من يدعي بعض الكتاب المصريين ذوي الصيت الإعلامي_ الثقافي أن يهود اليوم غير يهود الأمس، استنادا إلى عنصر الأنثروبولوجيا و لماذا لم يسأل هؤلاء الكتاب أنفسهم إذا كان يهود اليوم غير يهود الأمس فلماذا يرددون في صلواتهم : قال موسى يقول الرب إني نحو نصف الليل أخرج وسط مصر ، فيموت كل بكر في أرض مصر ، من بكر فرعون الجالس على العرش إلى بكر الجارية التي خلف الرحى و كل بكر و بهيمة و يكون صراخ عظيم في كل أرض مصر لم يكن مثله و لن يكون مثله أيضا ! كما أن هذا الإله المنحاز يخاطب شعبه المختار قائلا : و يكون لكم الدم علامة على البيوت التي أنتم فيها . فأرى الدم و أعبر عنكم فلا يكون عليكم ضربة للهلاك حين أضرب أرض مصر و يكون هذا اليوم تذكارا فتعيدونه عيدا للرب في أجيالكم تعيدونه فريضة أبدية الخروج 11 : 4_7 و 12:13_14و إذا كان صهاينة اليوم غير يهود الأمس فإلى من ينسب الباحث العهد القديم الذي يستمسك به الأصوليون في اسرائيل اليوم ، و يرددون في صلواتهم بكل خشوع المؤمن : فخلص الرب في ذلك اليوم ، إسرائيل من يد المصريين و نظر إسرائيل للمصريين أمواتا على شاطيء البحر خروج 14:30_31و أيضا فقرات من سفري العدد و التثنية و هما مثل باقي أسفار العهد القديم يبخان سما على الفلسطينيين و غيرهم من الشعوب :و علمت أن الله هناك/أحكم فرعون و جنوده الحصار فخرجت جنود الله كل رجل بسلاح ، و تحول البحر لهم يابسة ،و عبرته طائفة مقدسة و تغنى كل رجل و امرأة أغنية حتى من في بطن أمه غنى ...فهل هناك شكأن المسألة ليست مسألة أنثروبولوجيا بل هي مسألة اعتقاد ديني مستمد من العهد القديم ذلك الكتاب الذي يعلي شأن إله دموي لصالح شعب أكثر منه دموية .و هناك العديد من الآيات في العهد القديم تطفح بالحقد على مصر و المصريين لدرجة تحويل أرض مصر و نيلها إلى دم و بعوض و ذبان ...إلخ و إلى درجة التحريض على سرقة المصريين و التحريض على قتل كل بكر في أرض مصر من بكر الناس إلى بكر البهائم فإذا كان الأمر كذلك كيف نفصل بين صهاينة اليوم و يهود الأمس ؟ خاصة أن إسرائيل ليس لديها خريطة تحدد حدودها منذ إنشائها في عام 1948 حتى اليوم ، بل أكثر من ذلك فإن الأصوليون اليهود مازالوا يفرضون على الأجيال الجديدة أن تردد في طابور المدرسة الصباحي و في صلواتهم في المعابد الآية الشهيرة التي تنص على : في ذلك اليوم قطع الرب مع ابرام (إبراهيم في ما بعد) قائلا أعطي لنسلك هذه الأرض ، من نهر مصر إلى النهر الكبير نهر الفرات ! تكوين 15:18 و لو أن أي صهيوني استخدم عقله لعرف أن هذا الإله العبراني صناعة يهودية خالصة لأن التخريف و الهراء دليل على هذا الكذب السافر، لأنه من المعلوم أن نهر النيل أكبر من الفرات ( حوالي 6640 كم في حين أن الفرات 2330 كم منها 1200 كم في العراق و 675 في سوريا و 455 في تركيا فلو أن هذا الإله العبراني رأى نهر النيل أو لو أنه كان يعرف أبسط المعلومات الجغرافية التي يعرفها تلميذ في المرحلة الاعدادية لما وقع في هذا الخطأ الذي يدل على الكذب و هو يلجأ إلى الكذب حتى يهب أراضي الغير لشعبه المختارأتوقف عند هذه النقطة من الفصل لأني لا أستطيع أن أقبل التعميم على كل اليهود سواء يهود الأمس أو اليوم و أعتذر عن لغة الكاتب و حميته على إله اليهود
http://www.alarabimag.com/arabi/Data/2007/7/1/Default.xml

Wednesday, August 29, 2007

الإسرائيليات و الأحاديث الموضوعة

الإسرائيليات و نماذج للأحاديث الموضوعة
هناك خمسة شروط وضعها علماء السنة لقبول الأحاديث النبوية : ثلاثة منها في السَند (روى فلان عن فلان عن فلان ) و اثنان في المتن (نص الحديث ) و هو أنه يجب ألا يكون شاذا و ألا تكون به علة قادحة فإذا اضطرب أحد هذه الشروط نزل الحديث عن درجة الصحة _ إنه لا خلاف بين المسلمين في العمل بما صحت نسبته لرسول الله وفق أصول الاستدلال التي وضعها الأئمة ،و انتهت إليها الأمة...إنما ينشأ الخلاف حول صدق هذه النسبة أو بطلانها ...و هو خلاف لا بد من حسمه ،ولابد من رفض الافتعال أو التكلف فيه
نماذج لأحاديث موضوعة ( من كتاب السنة النبوية بين أهل الفقه و أهل السنة للإمام محمد الغزالي )
أن الميت يعذب ببكاء أهله عليه 0 و قد أنكرت عائشة هذا الحديث عندما سمعته و حلفت أن الرسول ما قاله و قالت بيانا لرفضها إياه : أين منكم قول الله سبحانه ( لا تزر وازرة وزر أخرى ) .... إنها ترُد ما يخالف القرآن بجرأة و ثقة و مع ذلك فإن هذا الحديث المرفوض من عائشة ما يزال مثبتا في الصحاح
و حديث الآحاد يفقد صحته بالشذوذ و العلة القادحة و إن صح سنده .... فأبو حنيفة يرفض حديث ( لا يُقتل مسلم في كافر ) مع صحة سنده لأن المتن معلول بمخالفة النص القرآني ( النفس بالنفس ) و على هذا لو قتل فيلسوف كانس طريق ، قُتل فيه لأن النفس بالنفس و هذا أقرب إلى احترام النفس البشرية دون نظر إلى البياض و السواد ، أو الحرية و العبودية ، أو الكفر و الإيمان
عن أبي هريرة عن رسول الله قال : جاء ملك الموت إلى موسى عليه السلام فقال أجب ربك ، فقال : فلطم موسى عين ملك الموت ففقأها ! ، فرجع الملك إلى الله تعالى فقال : إنك أرسلتني إلى عبد لك لا يريد الموت و قد فقأ عيني ، قال : فرد الله إليه عينه ،و قال ارجع إلى عبدي فقل له : ارجع إلى عبدي فقل له : ألحياة تريد .........و هذا الحديث صحيح السند و لكن متنه يثير الريبة ، إذ يفيد أن موسى يكره الموت ، ولا يحب لقاء الله بعدما انتهى أجله و هذا المعنى مرفوض بالنسبة إلى الصالحين من عباد الله كما جاء في حديث آخر ( من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه، و من كره لقاء الله كره الله لقاءه ) فكيف بأنبياء الله ؟ و كيف بواحد من أولي العزم مثل موسى عليه السلام ؟ إن كراهيته للموت بعدما جاءه ملك الموت أمر مستغرب ! ثم هل الملائكة تعرض لهم العاهات التي تعرض للبشر من عمى أو عور ؟ ذاك بعيد
و الذي ساءني عندما رجعت إلى الحديث في أحد مصادره أن الشارح ( المازري ) جعل رد هذا الحديث إلحادا ! و شرع يفند الشبهات الموجهة إليه بأن فقأ العين على المجاز و المراد أن موسى حاجه فغلبه بالحجة ، ويقال : فقأ فلان عين فلان إذا غالبه بالحجة ! و في هذا ضعف لقوله : فرد الله عينه ( و هذا يدفع كون فقأ العين على سبيل المجاز ) و هذا الدفاع كله خفيف الوزن و هو دفاع تافه لا يساغ
و من وصم منكر الحديث بالإلحاد فهو يستطيل على أعراض المسلمين و الحق : أن في متنه علة قادحة تنزله عن مرتبة الصحة . و رفضه أو قبوله خلاف فكري و ليس خلافا عقائديا . و العلة في المتن يبصرها المحققون و تخفى على أصحاب الفكر السطحي
و أخيرا فهذا الحديث و أمثاله مما لا صلة له بعقيدة أو سلوك قارُ في مكانه تعدوه العين إلى المهم من تعاليم الإسلام العملية ، فمن شغل الناس به؟ ، و نسب الإلحاد إلى من ينكره ؟! إن أعداء الصحوة من وراء هذا العمل الطائش

و قد رفض الأئمة أحاديث صح سندها و اعتل متنها فلم تستكمل بهذا الخلل شروط الصحة ....
هذا و أن اليقين الثابت بالعلم و بالوحي لا يجوز أن يتقدم عليه ظن علمي يرويه حديث آحاد ، يزعم فيه الراوي أن الأنوثة تنشأ من علو ماء الأنثى على ماء الرجل ! إن حديث الآحاد يتأخر حتما أمام النص القرآني ( و أنه خلق الزوجين الذكر و الأنثى من نطفة ...) و أيضا أمام الحقيقة العلمية و الواقع التاريخي ، أو يتأخر كما يقول المالكيون أمام عمل أهل المدينة ،و أمام القياس القطعي كما يقول الأحناف
كان عمر رضي الله عنه يشغل نفسه و يشغل الناس معه بالقرآن الكريم و يأمر الجيوش أن تلهج به و تعكف عليه . و من أقضيته التي استند فيها إلى القرآن وحده : ما رواه ابن إسحاق ، قال : كنت جالسا مع الأسود بن يزيد في المسجد الأعظم ، و معي الشعبي فحدث بحديث فاطمة بنت قيس أن رسول الله لم يجعل لها سكنى ولا نفقة _ و كانت قد طُلقت ثلاث مرات _ فأخذ الأسود كفا من حصى فحصبه به ! ثم قال : ويلك تحدث بمثل هذا ؟ قال عمر : لا نترك كتاب ربنا و سنة نبينا لقول امرأة لا ندري حفظت ام نسيت ، لها السكنى و النفقة . قال تعالى : لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة ) و حديث فاطمة المذكور هو موضع خلاف بين الفقهاء ، رفضه الأحناف و يرى المالكية و الشافعية : أن المطلقة ثلاثا لها السكنى دون النفقة
و لمن شاء أن يدرس القضية في مصادرها و الذي يعنينا منها : أن عمر جعل ظاهر القرآن هو السنة التي تُتبع ، و لهذه المرأة نفسها :فاطمة بنت قيس حديث آخر في سياق طويل قالت فيه أن الدجال موجود في إحدى الجزر ببحر الشام أو بحر اليمن ، مشدود الوثاق و قد رآه تميم الداري بعدما غرقت السفينة التي كان يركبها هو و صحبه و تحادثوا معه و هو موشك على الخروج ! إن أساطيل الرومان و العرب و الترك و الفرنج تجوب البحرين الأبيض و الأحمر من بضعة عشر قرنا و لم ترهذه الجزيرة و في عصرنا هذا طرق كل شبر في البر و البحر و التقطت صور لأعماق المحيطات بالأقمار الصناعية فأين تقع هذه الجزيرة ؟! و أخيرا تذكرت قول عمر و هو يرد على حديث نفقة المطلقة ثلاثا : لا ندع كتاب ربنا و سنة نبينا لحديث امرأة لا ندري حفظت أم نسيت ؟ ...قلت : و نحن لا نعرض كتاب ربنا و سنة نبينا للتكذيب من أجل حديث السيدة نفسها ، في قضية أخرى
ذلك و هناك قضايا لا يجوز فيها التساهل لخطورتها ، و قد شعرت بالغيظ و أنا أقرأ أن يهوديا سحر النبي عليه الصلاة و السلام و أعجزه عن مباشرة نسائه مدة قدرها ابن حجر بستة شهور!! أكذلك تنال القمم ؟ و قد سرني أن الشيخ محمد عبده قد رفض هذا الحديث ، و هذا فضلا عن كون سنده معلولا و هناك من الأحاديث ما هو مرفوض لضعف متنه و سنده معا كحديث الحمار يعفور و هو حديث مضحك فضلا عن كونه موضوع و واضعه يتمتع بحس فكاهي واضح و كذلك حديث الغرانيق فهو حديث منكر من جميع أهل السنة و الجماعة و موضع رواته معروف عند أئمة الجرح و كتب الرجال
هذا و يجب على المسلم أن يستهدي بفطرته في تجنب الضعيف و قبول الصحيح من الأحاديث النبوية و هي فطرة تصقلها التلاوة الدائمة لكتاب الله ، و الحب الصادق لهذا الوحي المبارك ، و الدراسة الحسنة لمناهج الفقهاء الأربعة الكبار و من يليهم من أهل الذكر و قادة الفكر .
ذاك ما هديت إليه ، فإن كان حقا فمن الله و إن كان خطأ فمني و أستغفر الله أولا و آخرا

Saturday, August 25, 2007

إنما الدنيا دار فراق

لحظة هزتني من الأعماق ، عندما وقعت على مدونة لم تعد صاحبتها - رحمها الله - بيننا . كنت قد تعلمت الكثير عن الحياة و أحسست أني اقتربت كثيرا من فهم مغزاها منذ بدأت دروسي العملية هذا العام ، منذ بدأ اختلاطي بالمرضى و القريبين من الموت و تعلمت منهم الكثير ، لكن بعد كل هذه الشهور و البعد عن مستشفى الباطنة كنت قد بدأت أنسى و تسحبني دوامة الحياة ، و اليوم ذات الشعور يعود !
هذا عنوان المدونة ، ادعوا الله أن يرحمها و يرحمنا
http://shikoonline.blogspot.com/
http://2insana.blogspot.com/2007/08/shiko-online.html

Friday, August 10, 2007

تدوييين

أجمل ما في موضوع "التدوين" هذا ، أنه أيقظ في أعماقي حب اللغة و الكتابة من جديد ، بعدما فقدت قدرتي على تذوق العربية أثناء غرقي طويل الأمد وسط بحور من المصطلحات الطبية لاتينية الأصل، بشعة الوقع

Wednesday, August 8, 2007

مصر

في الأيام الماضية كانت تشغلني كثيرا فكرة واحدة ، أخذت أطيل التفكير فيها و أتحير بها ، الفكرة هي مجرد سؤال وحيد : ما هي مصر بالنسبة لي ، اكتشفت فجأة أنه سؤال أكبر كثيرا مما يبدو ، أعمق و أكثر إثارة للحيرة من مسلسلات الفداء الوطني و رأفت الهجان ، ما الذي تعنيه مصر بالنسبة لي ؟ هل هي مذاق الشاي بالنعناع ساعة العصاري ، أم نسائم الهواء تداعب مويجات النيل في ليلة صيفية ، أم هي الحب الأول و البنوتة ذات الضفائر في الشارع المجاور ، أم أغاني عبد الحليم ، أم هي ما تبقى من ذكريات الطفولة و الصغر ، أم هي الريف و الخضرة التي تسحرني ، أم أن مصر هي الناس ، هي المصريون ، هي الثقافة و التقاليد و الطباع التي نحملها ، و التي لا ندين بها لأحد سواها .أخبروني هل يمكن أن تكون مصر كل هذا معا ؟
أجيبوني رجاء : ما هي مصر بالنسبة لكم ؟

Tuesday, August 7, 2007

وداعا يا بطيخة

النهاردا الحمد لله أخيرا اتخلصت من "بطيخة" مزعجة

Monday, August 6, 2007

لا تصالح

بما أنني في فترة امتحانات - السنة الخامسة بكلية الطب - و هذه الفترة تبدأ قبل ميعاد امتحان الباطنة بحوالي 3 شهور ، طبعا يبدو هذا من العجائب لباقي الطلبة الجامعيين ، المهم مما لا يخفى على طلبة الطب أن فترة الامتحانات هذه تتركنا في درجة من ضحالة الخيال و جفاف الفكر أجاركم الله من مثلها ، لذا فكرت أن أكتفي بنقل أبيات شعر و قصائد أحبها و تأثر بي جدا ، و هكذا أنأى بنفسي عن عذاب التفكير في تدوينات جديدة بل أمارس دور المطبعجي أو ربما آلة الطباعة ذاتها ، هذه مقاطع من لا تصالح لأمل دنقل كتبها ليعبر عن موقف المثقفين - و الشعب كله - من السلام مع إسرائيل

لا تصالح

لا تصالح و لو منحوك الذهب
أترى حين أفقأ عينيك
و أثبت جوهرتين مكانهما
هل ترى ... ؟ هي أشياء لا تشترى
ذكريات الطفولة بين أخيك و بينك
حسكما - فجأة - بالرجولة
هذا الحياء الذي يكبت الشوق حين تعانقه
الصمت - مبتسمين - لتأنيب أمكما
و كأنكما ما تزالان طفلين
تلك الطمأنينة الأبدية بينكما
أن سيفان : سيفك
صوتان : صوتك
أنك إن مت :للبيت رب
و للطفل أب
هل يصير دمي بين - عينيك - ماء ؟
أتنسى ردائي الملطخ بالدماء
تلبس - فوق دمائي - ثيابا مطرزة بالذهب ؟
إنها الحرب ! قد تثقل القلب
لكن خلفك عار العرب
لا تصالح !ولا تتوخى الهرب


2

لا تصالح على الدم .... حتى بدم
لا تصالح ... و لو قيل رأس برأس
أكل الرؤس سواء ؟
أقلب الغريب كقلب أخيك ؟
أعيناه عينا أخيك ؟
و هل تتساوى يد ... سيفها كان لكبيد سيفها أثكلك ؟
سيقولون :جئناك كي نحقن الدم
جئناك كن - يا أمير - الحكم
سيقولون : هانحن أبناء عم
قل لهم : إنهم لم يراعوا العمومة فيمن هلك
و اغرس السيف في جبهة الصحراء
إلى أن يجيب العدم
إنني كنت لك
فارسا ،و أخا ،و أبا ،و ملك !

3
لا تصالح
و لو حرمتك الرقاد
صرخات الندامة
و تذكر
( إذا لان قلبك للنسوة اللابسات السواد و لأطفالهن الذين تخاصمهم الابتسامة (أن بنت أخيك زهرة تتسربل - في سنوات الصبا -بثياب الحداد
كنت إن عدت تعدو على درج القصرتمسك ساقي عند نزولي
فأرفعها و هي ضاحكة
فوق ظهر الجوادهاهي الآن صامتة
حرمتها يد الغدرمن كلمات أبيها
و ارتداء الثياب الجديدة
من أن يكون لها - ذات يوم - أخ
من أب يبتسم في عرسها
و تعود إليه إذا الزوج أغضبها
و إذا زارها يتسابق أحفاده نحو أحضانه
لينالوا الهدايا
و يلهوا بلحيته و هو مستسلم
و يشدوا العمامة


4
لا تصالح و لو توجوك بتاج الإمارة
كيف تخطو على جثة ابن أبيك ؟
كيف تنظر في يد من صافحوك
فلا تبصر الدم في كل كف ؟
إن سهما أتاني من الخلف
سوف يجيئك من ألف خلف
فالدم - الآن - صار وساما و شارة
لا تصالح و لو توجوك بتاج الإمارة
إن عرشك : سيف و سيفك : زيف
إذا لم تزن -بذؤابته- لحظات الشرف
و استطبت الترف

Thursday, August 2, 2007

طريق ثلجي

هذه أول قصة كتبتها أحببت أن أفتتح بها مدونتي - إلى أن يفتح الله علي

وحدي أسير في الطريق، يحيطني الجليد من الجانبين ، يملؤني مزيج من خوف وإقدام ....خوفي من المجهول ، وإقدامي لأنني أعرف أن لا سبيل للرجوع.....طريق طويل هو ....لكن ما خياري ؟ تجرني قدماي المتثاقلتان قصرا، وينتابني شعور بأن الأمور حتما لن تكون بهذا السوء ، إن الكثير من أبناء قريتي قد مروا بهذا الطريق قبلي....صحيح أنني لم أسمع منهم ، ولكن يكفيني أنهم لم يقضوا ها هنا مذاق الثلج الأبيض في فمي ، وعيناي لا تريان إلا الجليد على مرمى البصر ، كأن ليس من الألوان إلا الأبيض.....صبرا ، إن الطريق يقترب من نهايته .....أتذكر الساعات الفائتة ، أعود بذاكرتي إلى الوراء يوما.
جالس أنا أرقب خصلات شعري تتساقط أمامي ....لم أمر بمثل هذا من قبل، لذا اعذروا جزعي ، إن سنواتي القليلة في الحياة لم تسمح لي بالكثير من التجارب كما تعلمون. أخرج من عند الحلاق ومنظر الموسى الحاد لا يزال يبرق أمام ناظري ، و أراها ........ هنالك بجوار شجرة السرو كالعادة ، أقترب منها خجلا - ترى كيف تظن برأسي الأصلع ؟ - أستطيع الآن أن أرى الدموع تلتمع في عينيها " ألن أراك بعد اليوم ؟ " _ ". أمي تقول أن لا عودة " _ثوان و تنحدر القطرات من المحجرين.....أنا لا أريد أن أبكي ، ربما لا أراها بعد اليوم " إنني لا أستطيع أن أنساكِ " _ أركض نحو المنزل قبل أن أخضع لضعفي ، أتذكر كم ليلة قضيناها نتقاذف الكرات الجليدية أمام منزلها مع الرفاق ، كيف لي أن أنساها ، أو عينيها المترقرتين بالدمع ، كأمواج البحر. أعبر من الباب بخطوات لا تزال مرتبكة، أرى أمي تعد العشاء" يجب أن تنام مبكرا الليلة " لكني أريد أن أقضي المزيد من الوقت مع إخوتي الصغار......إنني سأفتقدكم كثيرا......لكن لساني يرفض أن يتحرك ....لو نطقت ، لسال كل الدمع المحتجز تحت جفني........أضع رأسي على الوسادة ، و لا أشعر بشيء بعدها. أغرق في سبات عميق ، لأصحو على هزات أمي مع أضواء النهار الوليد......."حان الوقت للرحيل". لا لن أغالب دموعي أكثر ........تجذبني إلى حضنها الدافيء ....هي تعلم أن هذه آخر مرة "سأذهب لأحضر بعض الحليب بنفسي يا أماه" تعرف هي أنني أود أن أودع حيواني الأليف....لطالما اعتنيت به من قبل أن ينتصب على قائمتيه حتى. سأتركه حرا قبل أن أرحل .....الآن لتذهب أينما تشاء آخذ ما أعدته لي أمي في حقيبة ضئيلة الحجم، كي لا تعوق حركة جسدي الأكثر ضآلة .......وأبدأ الرحلة وذكريات ليلة البارحة لا تفارق خيالي.......إنني لن أراها بعد الآن أبدا. ألقي نظرة وأنا أمضي على نافذتها الصغيرة ........ربما أنت الآن غارقة في عالم أحلامك ، ربما كنت فيه معك ، أشاركك قذف كرات الثلج ...... ثم طريقي الطويل من ساحة القرية حتى آخرها من ناحية الجبل ، لطالما خططت لاستكشافك مع الرفاق أيها الجبل ، لكن لم يخطر ببالي أنني سأخطو في طرقاتك وحدي يوما أفيق من تأملاتي لأبصر الباب النحاسي الأصفر.....شديد الارتفاع أنت يا باب ....إنني حتى لا أكاد أتبين تلك النقوش على طرفك العلوي ........أطرق الباب بأناملي الصغيرة، ليفتح لي راهب حليق الرأس مثلي ، غاية في البروز عظامه .....لربما فتح ذات الباب لكل رفاقي الذين سبقوني ......سأراهم اليوم بالتأكيد.......أستدير لألقي نظرة أخيرة على العالم الخارجي.......مهلا ! ......هذا اللاما على المدى هناك ، وجهه جد مألوف....كيف سار خلفي كل هذا الطريق من البيت وأنا لا أدري؟ .....إنه يضرب الصخرة بحافريه ليتناثر الثلج حولها، إنه يودعني " وداعا يا نان تشو .......بلغ سلامي إلى أمي ، و إليها.
.