Sunday, January 20, 2008

حكمة أندلسية

لكل شيء إذا ما تم نقصان - فلا يغر بطيب العيش إنسان

هذ
ا البيت من قصيدة لأبي البقاء الرندي (يعني من مدينة رندة) من أجمل ما كتب في رثاء الأندلس كتبها الشاعر و هو يرى سقوط ممالك الأندلس و مدنه مدينة بعد أخرى و يتأمل في حال الدنيا و دورة هذا الزمان ، فتأملوا يا أولي الأبصار !

لكل شيء إذا ما تم نقصان فلا يغر بطيب العــيــش إنسانُ

هي الأمور كما شاهدتها دول من سرهُ زَمنٌ ساءته أزمانُ

وهذه الدار لا تُبقي على أحد ولا يدوم على حال لها شانُ

يُمزق الدهرُ حتماً كلّ سابغة إذا نبت مشرفيات وخرصانُ

وينتضي كل سيف للفناء ولو كان ابن ذي يزنٍ والغمد غمدانُ

أين الملوك ذوي التيجان من يمن وأين منهم أكاليلٌ وتيجانُ؟

وأين ما شادهُ شدّاد في إرم وأين ما ساسه في الفرس ساسانُ؟

وأين ما حازه قارون من ذهبٍ وأين عادٌ وشدادٌ وقحطانُ؟

أتى على الكل أمر لا مرد له حتى قضوا فكأن القوم ما كانوا

وصار ما كان من ملك ومن ملكٍ كما حكى عن خيال الطيف وسنانُ

فجــــائع الدهر أنواع منوعةٌ وللزمان مــســــراتٌ وأحزانُ

دار الزمان على (دارا) وقاتله وأم كسرى فما آواه إيـــوانُ

كأنما الصعب لم يسهل له سببٌ يوماً ولا ملك الدنيا سليمانُ

وللحوادث سلــوان يسهلها وما لما حـــــلَّ بالإسلام سلوانُ

دهى الجزيرة أمر لا عزاء له هوى له أحــــدٌ وانهدّ ثهلانُ

فاسأل (بلنسية) ما شأن (مرسية) وأين (شاطبة) أم أينَ (جيان)؟

وأين (قرطبة) دار العلوم فكم مـن عالم قد سما فيها له شان؟

وأين (حمص) وما تحويه من نزه ونهرها العذب فياض وملانُ

قواعدٌ كن أركان البلاد فما عسى البقاء إذا لم تبق أركــــانُ

تبكي الحنيفية البيضاء من أسف كما بكى لفراق الألف هيمانُ

يا غافلاً وله في الدهر موعظة إن كنتَ في سنةٍ فالدهر يقظانُ

وماشياً مرحاً يلهيه موطنه أبعد (حمص) تغر المرء أوطانُ !!!؟

تلكَ المصيبةُ أنْسَـــتْ ما تَقَـدَّمَها ومــالهَا مــن طوالِ الدَّهـرِ نِسيــانُ

يا راكبينَ عــتاقَ الخيلِ ضــامرةً كـــأنَّها في مجـــالِ السَبـقِ عُقبانُ

وحاملينَ سيـوفَ الهنـدِ مــُرهَفةً كــأنَّها في ظَـلامِ النَّقــعِ نــيرَانُ

أَعنــدكُم نبأٌ مـــن أهــلِ أنــدلُسٍ فقد ســرى بحــديثِ القــومِ رُكبــانُ

كَم يستغيثُ بنا المستضعفــونَ وهُم قَتلـى وأســـرَى فمــا يهتــزُ إنسانُ

يا مــن لـــذلَّةِ قــومٍ بعدَ عـــزَّتِهِم أحــالَ حـــالهُمْ جــــورٌ وطُغيـانُ

بالأمــسِ كانُوا مُـلُوكاً في ديـارهم واليـومَ هـم في بــلادِ الكفـرِ عُبدانُ

فـلو تــراهُم حَيَارى لا دليــلَ لهــم عليهِــمْ مِــن ثيــابِ الـــذُّلِ ألوَانُ

لمثلِ هـذا يبكِي القــلبُ مِن كَمــدٍ إن كـــانَ في القَلـبِ إســلامٌ وإيمانُ

1 comment:

Mohamed Shedou محمد شدو said...

ياه
قصيدة عبقرية وكلام اغلى من وزنه ذهبا
!!
ده شاعر عبقري فعلا
كويس انك حطيت القصيدة كاملة بدل بيت واحد بس