Tuesday, September 11, 2007

غواية السلطان 1

عندما تولى يزيد بن عبد الملك الخلافة كان شابا متقشفا خجولا و على وجهه مسحة من الحزن ، و تساءل المحيطين به من بني أمية : هل هذا الشاب النحيل قادر على مواجهة غوايات الحكم ؟

الغواية الأولى
في اليوم الأول دخل إلى قاعة الحكم و توقف مدهوشا ، تأمل العرش الذهبي اللون الذي يتصدر القاعة ، كان براقا و مغريا كأنه امرأة مستكينة تنظر إليه في صمت قال : أنا لست كسرى ولا قيصر ، احضروا لي مقعد ابن عمي عمر بن عبد العزيزقال أخوه هشام بن عبد الملك : و لكنك لن تؤثر في قلوب العامة و الأعراب إلا بهذا العرش ، و لكن الخليفة هز رأسه نافيا و مصرا على رفضه تبادل رجال الحكم من بني أمية نظرات قلقة ، هاهو خليفة متقشف آخر يقبض على زمام الحكم و يوشك أن يقبض على رقابهم كأن لم يكن كافيا ما فعل الخليفة الأسبق حين حاسبهم حسابا عسيرا و جرأ العامة عليهم و صادر أموالهم بحجة أنه مال المسلمين و جعلهم يسيرون على الحق كأنه سيف جارح ، كانوا يحسبون أن هذا الخليفة الجديد سيتيح لأهله من بني أمية على الأقل أن ينعموا بالغنائم التي تنهال عليهم من فتوحات البلاد التي لا تتوقف
لم تكن بداية مشجعة ، خاصة بعد ما حدث في المسجد الكبير ، حيث كان الشيخ ابن مكحول يلقي أحد دروس العلم ، و فوجيء الجميع بيزيد و هو يقبل عليهم فردا وحيدا في ملابسه العادية دون شيء من أبهة الإمارة و لكن الجميع كانوا يعرفون أنه أخو الخليفة الحالي سليمان بن عبد الملك و أنه الخليفة القادم
أسرعوا يوسعون له مكانا في صدر المجلس ، و لكن ابن مكحول أشار للجميع أن يبقى كل في مكانه ، و أشار للأمير أن يجلس حيث هو في نهاية الصف ، و ربع يزيد ساقيه و جلس دون أن ينطق بكلمة ، و استمع للدرس حتى نهايته ، ثم تناول نعليه و انصرف
كانوا يعرفون ذلك لكنهم كانوا موقنين أنه سوف يتغير ، فللحكم طبائع اخرى ، و كان لابد من توالي الغوايات

No comments: